الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

***حائط البراق***


حائط البراق في القدس

ارتبطت قصة حائط البراق بمعجزة إسراء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، ومعراجه منه إلى السموات العلى، والتي أخبرنا عنها الحق تبارك وتعالى في مطلع سورة الإسراء: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله.." (سورة الإسراء: 1)
وكما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عنها وعن مركوبه في هذه الرحلة: " أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء. قال ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء" (أخرجه مسلم).
فسمي الحائط الذي ربط عنده النبي صلى الله عليه وسلم دابته عنده بحائط البراق نسبة إلى البراق الذي ركبه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة. كما أطلق على الباب الذي دخل منه النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى بعد أن ترجل دابته اسم باب البراق، ويقع تحته مسجد البراق إلى الشمال بمحاذاة باب البراق للمسجد الأقصى، وقد سمي بهذا الإسم بسبب وجود الحلقة التي يعتقد أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ربط بها دابته.
والبراق هو دابة جبريل ومركب عامة الأنبياء، كما أنه هو دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم المحشر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تبعث الأنبياء يوم القيامة على الدواب ليوافوا بالمؤمنين من قومهم بالمحشر، ويبعث صالح على ناقته، وأبعث على البراق" (المعجم الكبير والمستدرك 4727 وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه). وسمي براقا لشدة بريقه، وقيل أنه اشتق من البرق لشدة سرعته.
يقع حائط البراق في الجهة الغربية من سور المسجد الأقصى بطول 48 متر وارتفاع 18 متر وعرض 3,30 متر تقريبا، ويطلق اليهود على حائط البراق مصطلح "حائط المبكى" زورا وبهتانا، ويقابل هذا المعنى في اللغة العبرية عبارة "كوتيل معرافي" والحقيقة أن الترجمة الحقيقة لهذه الكلمة هي "الحائط الغربي"، فحائط المبكى كلمة جديدة مبتدعة أضافوها إلى شريعتهم وليس لها أي مستند في كتبهم.


والعبادة عند حائط البراق، الذي يرى فيه اليهود أنه الجزء المتبقي من هيكلهم المزعوم، هي بدعة جديدة في دين اليهود لم تكن عند أسلافهم، ويلاحظ المتتبع لتاريخ اليهود كيف تطورت هذه العبادة عندهم فبدأت بالبكاء والنواح ثم ابتدع لهم حاخاماتهم دعاء خاصا يرددونه في صلواتهم عند الحائط وهو قسم وعهد على إعادة بناء الهيكل، ويدعون على أنفسهم باكين بأن تلتصق ألسنتهم في حلوقهم إذا هم نسوه* (حمى سنة 2000 عبد العزيز مصطفى كامل، ص 86)

ثم تطورت العبادة إلى صلاة كاملة وكأنهم في كنيس، يضعون عنده ما يسمى بـ "تابوت الشريعة" الذي يحتوي على الوصايا العشر وتقام عنده الصلوات اليهودية المفروضة ثلاث مرات في اليوم، مع وجوب لبس "الطاليت" أي شال الصلاة باللغة العبرية، يوضع على الرأس والأكتاف، كما يلبسون "التيفيلين" وهما علبتان من الجلد بداخلهما آيات من التوراة، وهي نوع من التمائم يعتقدون أنها تعصمهم من الخطأ والذنوب، تثبتان على الذراع الأيسر مقابل القلب، وعلى الجبهة مقابل المخ، وينبغي على اليهودي ألا يوقعها على الأرض حتى لا يضطر إلى أن يكفر عن ذلك بصيام يوم كامل.
ولنا أن نستمع إلى الرأي الآخر الذي يؤكد أن العبادة عند الحائط بدعة يهودية جديدة، نشرت تصريحات للحاخام "يهورام مزور" –أميس سر مجلس اليهودية التقدمية- في العدد الأول من مجلة "بتلم" اليهودية الصادرة عم هذا المجلس صيف 1999م تحت عنوان "هل من المهم تأدية الصلاة على وجه التحديد عند حائط المبكى؟ ! ". ومما ذكره الحاخام "مزور" في هذا المقال أنه لا توجد قدسية لحائط المبكى في الديانة اليهودية، وأنه يرفض إقامة حفلات البلوغ وأي شعائر أخرى هناك، وقال الحاخام "مزور": "إننا نلتقي طوال ساعات اليوم أشخاصا في هذا المكان يؤدون الصلاة في موقعهم الذين قدسوه" !! . وأضاف: "إن ذلك يشبه عبادة الأوثان، وإن على مجلس الحاخامات التقدميين في إسرائيل اختيار موقع آخر لصلاة اليهود !". * (تقرير حائط المبكى مكان غير مقدس لليهود، صحيفة القدس المقدسة، 24 أغسطس 1999، ص:2)
حمل حائط البراق وباب البراق اسم المغاربة بعد قرون من الزمن، وذلك لأن طليعة من المجاهدين المغاربة تركت أوطانها وشدت الرحال إلى المسجد الأقصى للذوذ عنه من اعتداءات الصلبيين، والمشاركة في جيش صلاح الدين عند تحريره بيت المقدس، فأوقف لهم الملك الأفضل علي بن صلاح الدين البقعة الملاصقة للمسجد الأقصى وحائط البراق، جزاء لهم على ما أبدوه من قوة ورباطة جأش في القتال.
وبعد أن سقط المسجد الأقصى أسيرا في يد الاحتلال الصهيوني عام 1967، سارع اليهود للإجهاز على حائط البراق وقام حاخام الجيش الإسرائيلي "شلومو غورن" بالنفخ في البوق متصدرا نشوة فرح اليهود بالانتصار، معلنا بخطابه الذي وجهه من أمام حائط البراق قائلا: "أخاطبكم من حائط المبكى آخر أثر لهيكلنا الذي طالما تقنا إليه، دعونا نفرح ونبتهج"، فأنّ المسجد الأقصى وحائط البراق ساعتها ألما ووجعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق